�ي بعدة مئات الملايين من الدولارات، مودعة في عدة بنوك أجنبية في أوروبا، وبعض بلدان أميركا اللاتينية. وقد استخدمت هذا الأموال ظاهرياً لدفع مشتريات الرئيس بن علي في الأرجنتين، وفلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية، كما أكدت ذلك صحيفة البايس الإسبانية. زد على ذلك، فإن افتراض التحويل المتأتي عن عملية تبييض الأموال من تجارة المخدرات لحساب مجموعات أميركية لاتينية يكتسب صدقيته. ولم يكن تعيين محمد علي دواس، ابن أخ الرئيس بن علي محافظاً للبنك المركزي، في حين لم تكن لديه أي ثقافة بنكية، مفاجئاً في شيء. في الواقع، يُقدر تحويل الأموال بالعملة الصعبة خلال السنوات الماضية بنحو 4.5 مليار دولار حسب الدراسة الجديدة المقدمة من صندوق النقد الدولي ( كانون أول/ ديسمبر 1996). وتخضع أصول ومقاصد هذه الحركات إلى امتحان دقيق من أجل تحديد درجة تورط هذه العائلة و الدولة البوليسية التونسية والجنرال بن علي في تبييض الأموال، وإعادة هيكلة دولارات تجارة المخدرات.ويقول مسؤولون كبار، وضباط في الجيش وقضاة وحتى بعض الضباط في البوليس، في الصالونات الخاصة، إنهم على دراية بهذه الممارسات، ويستنكرونها بشدة. ومع ذلك، نظراً لسيادة الإرهاب البوليسي، فإنهم عاجزون عن التنديد بإنحرافات للدولة التونسية هذه. ويذكر التونسيون في أحاديثهم اليومية أمثلة يمكن التحقق منها تقريباً «.
عائلة سليم زروق
4 - عائلة سليم زروق : زوج البنت الكبرى للرئيس بن علي، غزوة ، كان في الأصل موظفا معلوماتياً في وزارة الداخلية، وهو قادم جديد على الساحة، غير أنه حقق صعوداً ساطعاً، وبسرعة، وأصبح مالكاً لوحدات تحويل البلاستيك، بسبب التسهيلات غير المحدودة لدى قطاع البنوك الخاضع لسيطرة الدولة بنسبة 70 في المئة. وهكذا وضع يده على ثلثي سوق البلاستيك، الأمر الذي جعل منافسيه يشتكون من نزعته الاحتكارية.واصبح سليم زروق من بين القيادات المتنفذة في اتحاد أرباب العمل التونسيين (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (U.T.I,C.A)، إذ يرأس أحد فيدرالياته. ويتساءل أرباب العمل المنتمون إلى الاتحاد إن كانت مصلحته داخل الاتحاد ليس لها من هدف سوى مراقبته، وتقديم تقارير عن نشاطه إلى الرئيس بن علي. وتمثلت إحدى عملياته الناجحة بشرائه مدة أشهر فقط، شركة عامة عرضت للخصخصة (سيراميك تونس ) بقيمة 17 مليون دولار، بعد أن ردع كل المشترين الأقوياء الذين تقدموا لشرائها بوساطة التهديد في أبريل/نيسان 1996. وقام ببيع هذه الشركة بقيمة 24 مليون دولار في أيلول من العام ذاته، محققاً بذلك ابتزازاً مالياً بقيمة 7 ملايين دولار من المال العام. وحين عبر رشيد صفر ( رئيس حكومة سابق ) عن دهشته بصدد سير هذه العملية، أحيل على التقاعد، في اليوم عينه , ومن المعروف في تونس أن
رئيس الجمهورية يمتلك وحده صلاحيات تعيين وإنهاء مهامه، وهذا يوضح لنا جيداً طبيعة النظام الذي أقامه.ويثابر سليم زروق الملقب بالسيد » سيراميكس « على السير على نهج سليم شيبوب. ولما كان الرئيس بن علي مدافعاً جيداً عن المساواة والعدل بين المواطنين، فإنه يضع أيضاً بناته على قدر من المساواة في نطاق سياسة النهب.من جهة أخرى، أشرك الرئيس بن علي سليم زروق مع سليم شيبوب في عقد الصفقات المحققة من أجل شراء أربع طائرات بوينغ من قبل شركة الخطوط التونسية. وقد استطاع سليم زروق وزوجته أن يحققا ثروة قدرت بقيمة 42 مليون دولار، الأمر الذي جعل »المجموعة الوطنية «، العارفة بجميل رجل الأعمال اللامع هذا ، تمنحه مجاناً قطعة أرض في قرطاج، حيث يشيد فيها قصراً يليق بموهبته الفذة «.
5 - عائلة مبروك : تزوجت البنت الثالثة للرئيس بن علي سيرين من ابن رجل أعمال ثري من مدينة المهدية هو علي مبروك في صيف عام 1994، وبسرعة مذهلة سارت هذه العائلة على طريق النهب. فقد فرضت نفسها كوكيلة لشركة ( Alcatel) التي فازت بمناقصة تجهيزات الهاتف النقال في تونس، على حساب متعهدين آخرين قدموا منتوجاً أفضل وبكلفة أقل. وقد انسحبت شركة إريكسون من مقرها في تونس، احتجاجاً على هذه الممارسات الاحتيالية. ومكنت هذه العملية سيرين من قبض 1.9 مليون دولار.وبموازاة ذلك، منحت سيرين مهمة الإشراف على الانترنيت، التي تستغلها تحت اسم »بلانيت Planet «، وتدر عليها ارباحاً طائلة، بعد أن أجبر الرئيس بن علي كل المؤسسات العامة والمؤسسات الجامعية والثانوية والابتدائية على الاشتراك في الانترنيت. وزد على ذلك، اشتركت سيرين بن علي بدعم من والدها في صفقة شراء طائرات إيرباص من قبل شركة الخطوط التونسية.أخيراً، كان الرئيس بن علي عادلاً، إذ أنه لم يحرم أي من بناته الثلاث من القبض على مستحقاتها من صفقة مهمة جداً ألا وهي تحديث أسطول طيران شركة الخطوط التونسية «.
عائلة الطرابلسي
6 - عائلة الطرابلسي : هي عائلة الزوجة الثانية للرئيس بن علي ليلى الطرابلسي، وتتألف من 11 أخاً وأختاً، وهي الأكثر عدوانية، والأكثر جشعاً، وخصوصاً الأكثر تورطاً مع النظام السياسي القائم. وفي الواقع الفعلي، تسيطر هذه العائلة مباشرة على الحرس المقرب جداً من الرئيس بن علي، منهم عبد الوهاب عبد الله الناطق الرسمي باسم الرئاسة، والمتلاعب والرقيب للإعلام، وعبد الله الكعبي، وزير الداخلية الحالي، والخليفة المزعوم لبن علي، ومحمد علي قنزوعي كاتب الدولة للأمن الوطني، وعلي بالشاوش وزير الداخلية السابق. ويعتبر محمد شكري مهندس كل الدسائس السياسية لهذه العائلة المافياوية، وهو مرتزق يعمل في الظل حسب محاورينا. ويضم فريق محمد شكري رجالاً سياسيين أكثر فأكثر، أمثال عبد الرحيم الزواري وزير الخارجية السابق، وأمين عام حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقاً، وعبد الله كعبي محافظ مدينة تونس سابقاً، وعبد العزيز بن ضياء، ومصطفى بوعزيز وزير أراضى الدولة، وكذلك العديد من المسؤولين الكبار في وزارة الداخلية. ويتخذ هذا الفريق القرارات المهمة ( تعيينات، إعفاءات.. الخ ) عقب الاجتماعات التي تعقد خارج المؤسسات الشرعية،ـ في مزرعة شكري بمرناق، أو في قصره » مريم العذارء – Notre Dame. ثم تقدم هذه القرارات إلى الرئيس بن علي – المتورط حتى النخاع في قضايا النهب – الذي يوافق على تطبيقها.وتتميز هذه العائلة أيضاً بطيش أعضائها. فمراد، الأخ الصغير لليلى ( 36 سنة ) متورط مع ابن أخته سفيان الطرابلسي في تجارة المخدرات، التي انفجرت في شهر كانون ثاني 1998. وعلى الرغم من أن كل الشباب الموقوفين اقروا في اعترافاتهم بأن مراد وابن أخته هم الممولون الرئيسيون للمخدرات، إلا أنه لم يتم التحقيق معهما من قبل البوليس، الأمر الذي يؤكد حسب الشخصيات المحقق معها مدى استقلال القضاء في دولة الحق والقانون.ويركب أبناء أخ زوجة الرئيس السيارات الفاخرة، ويأكلون في المطاعم من الدرجة الممتازة، ويسهرون في المراقص الليلية وفنادق الحمامات، تحت حماية أجهزة البوليس.أما أخ ليلى، بلحسن الطرابلسي، فبعد زواج أخته من الرئيس بن علي، طلق زوجته الأولى، وتزوج بنت هادي جيلاني، رئيس اتحاد أرباب العمل التونسيين، الذي دخل بالمناسبة في عائلة السلطان، وتم محو الفوائد على ديونه المستحقة والمقدرة بنحو 54 مليون دينار تونسي، أي ما يعادل 45 مليون دولار. واُتُخذَ هذا القرار في اجتماع مجلس الوزراء، الأمر الذي جعل بعضهم يرى أن هادي جيلاني باع بنته في بلد تم فيه القضاء على نظام الرق في عام1848. وقد اشتهرت هذه العائلة، حالياًَ باختلاس الموروث العقاري للدولة، بعد ان وضعت يدها على عقارات تعود ملكيتها لأجانب بطريقة غير شرعية مستخدمة الحيل وتزوير الوثائق. ويذكر محاورونا على سبيل المثال حال الأرض المفرزة » خمسة «. فقد منح بلحسن الطرابلسي قطعة ارض بمساحة عدة هكتارات في رأس قرطاج في المنطقة السياحية من قبل الوكالة العقارية للسياحة، بقصد بناء فندق سياحي، بفضل الأموال المتأتية من الابتزاز والنهب (40 مليون دولار). غير أن التونسيين فوجؤا بإعلان في الصحافة في شهر أيار 1998، بطرح بيع مساحات من الأرض المذكورة إلى الخواص بقيمة 300 دينار تونسي ( 300 دولار ) للمتر المربع الواحد، في حين أن قطعة الأرض هذه منحت إلى بلحسن الطرابلسي بسعر رمزي هو 30 دولاراً للمتر المربع الواحد ( وهذه العملية فريدة في نوعها في المناطق السياحية ). وفي ضاحية قمرت، فعل مراد الذي ذكرناه آنفاً أفضل من أخيه بلحسن، إذ منحت الدولة قطعة ارض للوكالة العقارية للإسكان (7000 متر مربع )، وبدلاً من أن تقوم هذه الأخيرة بتخصيصها وبيعها إلى المواطنين، قامت الوكالة ببيع قطعة الأرض هذه إلى مراد الطرابلسي بقيمة رمزية هو 30 دولاراً للمتر المربع الواحد، الذي قام بدوره بتخصيصها وبيعها من جديد بقيمة 320 دولاراً للمتر المربع الواحد، الأمر الذي مكنه من ربح مليوني دولار أميركي في بحر بضعة أسابيع.وفي منطقة مرسى الصنوبر، حقق مراد عملية من طبيعة أخرى. فقام بشراء قطعة أرض تقع في منطقة مصنفة أثرية منذ ما يقارب أكثر من نصف قرن بسعر رمزي، وقامت الدولة بأوامر من الرئيس بن علي بإسقاط صفة الأثرية عن قطعة الأرض هذه، وتحويلها إلى منطقة حضرية. وهو ما مكن مراد من تخصيصها وبيعها بقيمة 320 دولاراً للمتر المربع الواحد، وحصل بذلك على ربح بضعة ملايين من الدولارات تم إيداعها في بنك سويسري.ويضيف الأشخاص الذين قدموا لنا المعلومات حول هذه القضايا، أن الوزراء والمسؤولين الذين سمحوا وابتلعوا هذه الاختلاسات لن يقلقوا من المتابعة القضائية، مثل وزراء السياحة، والثقافة، وديوان قياس الأراضي، والتجهيز، وكذلك مسؤولي الوكالة العقارية للإسكان، وشيخ بلدية المرسى. فالرئيس بن علي نفسه، بنى قصراً في منحدر هضبة سيدي بوسعيد على ارض تعود ملكيتها لوزارة الدفاع، تم فيما بعد إسقاطها. فلا ثروته الشخصية ولا راتبه كرئيس منذ ما يزيد على عشر سنوات، يسمحان له ببناء مثل هذا